المبحث الثاني والثالث من الفصل الثاني

المبحث الثاني
في نواقض الإيمان


ح2- عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده،قال: قال رسول الله r ((من بدلََ دينه فأقتلوه لا يقبل الله توبة عبد كفر بعد إسلامه)).
تخريج الحديث:
1- أخرجه الطبراني واللفظ له: قال حدثنا داود بن محمد بن صالح المروزي ،حدثنا حوثرة بن أشرس، حدثنا حماد بن سلمة،عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده فذكره (1).

وأخرجه عن غير بهز: البخاري(2) والترمذي(3) والنسائي(4) وأبوداود (5) وابن ماجه(6) وأحمد(7) كلهم بلفظ ( من بدل دينه فأقتلوه) .(


(1) المعجم الكبير: 19/ 119
(2) صحيح البخاري: لإبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي / ت256/تحقيق. مصطفى ديب البغا/ مكتبة ابن كثير /اليمامة/بيروت/سنة1987/ط.الثالثة/3/1098/ باب لا يعذب بعذاب الله، وهو جزء من حديث/ وانظر/6/2537/2682
(3) سنن الترمذي: لإبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي السلمي/ ت279/تحقيق. أحمد محمد شاكر/دار إحياء التراث العربي/ بيروت/ 4/59/ باب ما جاء في المرتد.
(4) سنن النسائي: 2/301/ باب ما جاء في المرتد.
(5) سنن أبي داود: 4/126/ كتاب الحدود/ باب الحكم فيمن ارتد.
(6)سنن إبن ماجه: 2/848/ باب المرتد عن دينه.
(7) مسند أحمد: 1/217/282/322/5/231
( وأخرجه ابن حبان/ صحيح ابن حبان: لإبي حاتم محمد بن احمد بن حبان البستي/ت354/ تحقيق . شعيب الارناؤوط/مؤسسة الرسالة/بيروت/ سنة1993/ط.الثانية/ 10/327/ والحاكم/المستدرك على الصحيحين: لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري/ت405/تحقيق. مصطفى عبد القادر عطا/دار الكتب العلمية/ بيروت/سنة1990/ط.الاولى/3/260/والبيهقي/سنن البيهقي الكبرى/لإبي بكر احمد بن الحسين بنعلي بن موسى البيهقي/ت458/تحقيق. محمد عبد القادرعطا/مكتبة دار الباز/مكة المكرمة/سنة1994/8/195/8/202/والطبراني/المعجم الاوسط/8/ 275/ والدار قطني/سنن الدار قطني/لإبي الحسن علي بن عمر الدا قطني/تحقيق. عبد الله هاشم يماني المدني/دار العرفة/ بيروت /سنة1966/3/108/113


دراسة إسناد الحديث:

7- داود بن محمد بن صالح المروزي: لم أقف في الكتب التي وقفت عليها على شيخ الطبراني داود بن محمد المروزي،ألا ان الهيثمي قال رجال هذا الحديث ثقات، وسياتي في الحكم على الحديث.
8- حوثرة بن أشرس: بن عون بن مجشربن حجين ابو عامرالعدوي
روى عن، حماد بن سلمة،وجعفر بن كيسان،ومبارك بن فضالة، وغيرهم.
روى عنه،ابو زرعة، وابو حاتم، ومسلم بن الحجاج خارج الصحيح(1).
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: ما أعلم به بأسا.ً(2)
توفي في آخر سنة أحدى وثلاثين ومائتين .
9- حماد بن سلمة: بن دينار ابو سلمة.
روى عن، ابن جرير وعمرو بن دينار .
روى عنه، شعبة بن الحجاج ومالك ويحيى القطان.
قال ابن معين: حديث حماد بن سلمة في اول أمره وآخره أمره واحد، وكان رجل صدق(3)وقال أحمد: هو أثبت الناس في ثابت البناني(4) وقال الذهبي : قد إحتج مسلم بحماد بن سلمة في أحاديث عنه في الأصول وتحايده البخاري(5) وقال أيضاً: ثقة صدوق يغلط وليس في قوة مالك(6).
وقال ابن حجر: ثقة عابد تغير حفظه باخره(7).

(1) الجرح والتعديل :3/283/ تعجيل المنفعة/للأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي/ت852/تحقيق د. إكرام الله إمداد الحق/ دار الكتاب العربي/ بيروت/ ط. الاولى/1/109
(2) الثقات: 8/215/سير اعلام النبلاء/1/668
(3) تاريخ ابن معين رواية الدوري: 4/312
(4) العلل ومعرفة الرجال: 2/131/ سؤالات البرذعي /لأبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد الرازي /ت264/ تحقيق. سعدي الهاشمي /دار الوفاء / المنصورة سنة1409/ط. الثانية/1/394
(5) ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق: 1/70/
(6) الكاشف: 1/188
(7) تقريب التهذيب:1/238

مات سنة سبع وستين ومائة وهو في المسجد يصلي، أخرج له البخاري في الصحيح تعليقاً والباقون(1).


درجة الحديث

الحديث اسناده ضعيف لجهالة حال داود بن محمد .
ومن الحديث يتبين أن لفظ ( لا يقبل الله توبة عبد كفر بعد اسلامه) شاذة لإنه لم يقل بها غير بهز بن حكيم .
وها ما حكم به الحاكم حين قال لديه نسخة شاذة ، ومعلوم أن الشذوذ رواية الثقة مخالفة لرواية من هو أوثق منه .
وقد قال الهيثهي فيه : ((رواه الطبراني ورجاله ثقات)) (2) .
قلت : وهم الهيثمي بكلامه عن هذا الحديث، حيث أن داود بن محمد مجهول وأن هذا الحديث فيه زيادة شاذة ، والراجح أن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده حتى ولو كانت بعد ردة

.
المعنى الإجمالي:
قوله من بدل دينه) أي ترك دين الإسلام وأدان بغيره .
قوله( فاقتلوه) بيان الحكم في الردة والحديث صريح في الحكم وهو القتل من غير إستتابة كما يفيده ظاهر الحديث .

(1) التاريخ الكبير : 2/22/معرفة الثقات/1/319/ الثقات /6/216/ يهذيب الكمال/3 /11/ تذكرة الحفاظ/1/202
(2) مجمع الزوائد :علي بن أبي بكر الهيثمي/ت807/دار الريا للتراث/دار الكتاب العربي/القاهره/ بيروت/سنة1407/6/261


ما يستفاد من الحديث:

1- يدل الحديث دلالة واضحة على حكم الإسلام في المرتد وهو القتل ،وحديث علي الذي ذكرناه خير شاهد على ذلك.
قال النووي (1):
((فيه وجوب قتل المرتد وقد أجمعوا على قتله لكن اختلفوا في استتابته هل هي واجبة أم مستحبة وفي قدرها وفي قبول توبته وفي أن المرأة كالرجل في ذلك أم لا)) (2).
2: استدل به على قتل المرتدة كالمرتد .
قال ابن حجر: ((وأستدل به على قتل المرتدة كالمرتد، وخصه الحنفية بالذكر وتمسكوا بحديث النهي عن قتل النساء وحمل الجمهور النهي على الكافرة الأصلية إذا لم تباشر القتال لا القتل لقوله في بعض طرق حديث النهي عن قتل النساء لما رأى المرأة مقتولة ما كانت هذه لتقاتل ثم نهى عن قتل النساء))(3).وسيأتي مفصلا في فقه الحديث. ويمكن إستثناء بعض الحالات من ذلك.
،قال ابن حجر:
(( قوله (من) هو عام تخص منه من بدله في الباطن ولم يثبت عليه ذلك في الظاهر فإنه تجري عليه أحكام الظاهر ويستثنى منه من بدل دينه في الظاهر لكن مع الإكراه)) (4)


(1) شرح النووي على صحيح مسلم: باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها/12/208
(2) قال ابن سيد الناس:حديث من بدل دينه فأقتلوه،وحديث انه عليه الصلاة والسلام نهى عن قتل النساء عامان متعارضان وكل من الفريقين يخص أحد الحديثين بالآخر ، ولكن حديث من بدل دينه فأقتلوه فيه من العموم قوة اخرى وهي تعليق الحكم بالردة والتبديل / نصب الراية/فبي محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي/ت762/تحقيق. محمد يوسف البنوري/ دار الحديث /مصر/3/457
(3) فتح الباري: 12/ 272/ تحفة الأحوذي/5/21
(4) المصدر نفسه: 12/ 272

فقه الحديث:
إختلف الفقهاء في قتل المرتد فورا، كما انهم إختلفوا في قتل المرتدة

واليك اقوال الفقهاء في ذلك :
1- قال الحنفية: (( وأما الذكورية فليست بشرط، فتصح ردة المرأة عندنا لكنها لا تقتل بل تجبر على الإسلام )) (1).
وطريقة الجبر بأن تحبس أو غير ذلك من الأساليب لكنها لا تقتل بلا خلاف عندهم.
2- وقال المالكية :
((ومن ارتد عن الإسلام استتيب ثلاثاً بعد أخذه، فان تاب وإلا قتل، وقتله أن تضرب عنقه والرجال والنساء في ذلك سواء)) (2).
3- وقال الشافعية: (( فمن لم يزل على الشرك مقيماً لم يحول عنه الى الاسلام فالقتل على الرجال دون النساء000ومن إنتقل من الشرك الى الإيمان ثم إنتقل من الإيمان الى الشرك من بالغي الرجال والنساء فان تاب قبل منه وإن لم يتب
قتل)) (3).
4- وذهب الحنابلة أن لا فرق بين الرجال والنساء في وجوب القتل(4)
وأستدلوا بهذا الحديث، وحديث (( لا يحل دم إمرئ مسلم إلا بأحدى ثلاث، الثيب الزاني ، والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة ))(5)
(1) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: علاء الدين الكاساني/ت587/دار الكتاب العربي/بيروت/ستة1982/ط. الثانية/7/134
(2) الكافي لإبن عبد البر: لإبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر القرطبي/ ت463/دار الكتب العلمية/بيروت/سنة1407/ط. الاولى 1/221
(3) ألأم: لإبي عبد الله محمد بن غدريس الشافعي/ت204/دار المعرفة/ بيروت سنة/1407/ط. الثانية/1/257
(4) المغني: لإبي محمد عبد الله بن احمد بن قدامة المقدسي /ت620/دار الفكر/ بيروت/سنة/1405/ط.الاولى/ 9/16
(5) متفق عليه.-

5- وذهب ابن حزم : إنه لا إختلاف في وجوب قتل المرتد ألا إنه لم يوجب استتابته ولم يمنعها.(1)
وممن ذهب الى قتل المرتد فوراً الحسن البصري وطاووس، ونقله ابن المنذر عن معاذ وعبيد . (2)
قلت: والذي يظهر لي راجحاً: هو قول الجمهور في ان المرتد يستتاب فان لم يتب قتل .
وقد قاتل ابو بكر الصديق (رضي الله عنه ) مانعي الزكاة واعتبرهم مرتدين بعد استتابتهم ودعوتهم بالرجوع الى الإسلام. والله أعلم.

(1) المحلى: لإبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري/ت456/تحقيق/لجنة احياء التراث العربي/دار الآفاق الجديدة/ بيروت/11/187-188
(2) فتح الباري:12/369


المبحث الثالث
في القذف

ح3 عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : رأيت رسول الله r يمسح يده على فخذه ويقول(( يومئذٍ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون ان الله هو الحق المبين ))(1).

التخريج :

1- اخرجه الطبراني واللفظ له : قال حدثنا يعقوب بن إسحاق المخرمي ، حدثنا غسان بن مالك السلمي حدثنا عون بن ذكوان أبو جناب القصاب حدثني بهز بن حكيم عن أبيه عن جده ، ثم ذكره . (2)
2- وأخرجه مرة اخرى : قال حدثنا أحمد بن بهرام الإيذجي حدثنا محمد بن مرزوق حدثنا غسان أبو عبد الرحمن السلمي ثنا عون بن ذكوان عن بهز بن حكيم عن ابيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ( يومئذٍ يوفيهم الله ) الآية . (3)


دراسة إسناد الحديث :
10- يعقوب بن إسحاق المخرمي : لم أعثر في المصادر التي وقفت عليها على من يذكره تعديلاً أو تجريحاً .ـــــــــــــــــــ
(1) سورة النور : الآية (25)
(2) المعجم الكبير : 19/422
(3) المصدر نفسه : 19/422


11- غسان بن مالك السلمي : أبو عبد الرحمن البصري .
روى عن حماد بن سلمة وسلام بن مسكين وعون بن ذكوان وغيرهم .
روى عنه محمد بن مرزوق وجعفر بن إبان وغيرهم . (1)
قال ابو حاتم : ليس بقوي بين في حديثه الإنكار . (2)
وذكره ابن حبان في الثقات . (3)
ونقل الذهبي قول ابي حاتم فيه . (4)
12- عون بن ذكوان : الحرشي القصاب أبو جناب .
روى عن ، حبيب بن هرم وزرارة بن أوفى وعامر الأحول وغيرهم .
روى عنه ، يزيد بن هارون ومسلم بن ابراهيم ويونس المؤدب وغيرهم . (5)
قال أبو حاتم : لا بأس به صالح الحديث (6) وقال ابن حبان : يخطئ ويخالف (7) وقال الذهبي : ثقة (.
مات سنة ستين ومائة (9).
13- أحمد بن بهرام : لم أقف في المصادر التي وقفت عليها على من يذكره تعديلاً أو ترجيحاً .
14- محمد بن مرزوق : لم أعثر في المصادر التي وقفت عليها من يذكره تعديلاً أو ترجيحاً .(1) الجرح والتعديل : 7/50/الثقات/9/2/لسان الميزان/4/419
(2) الجرح والتعديل : 7/50
(3) الثقات : 9/2
(4) ميزان الإعتدال : 5/405
(5) التاريخ الكبير : 7/17/ميزان الاعتدال /7/351
(6) الجرح والتعديل : 6/387/
(7) الثقات : 8/ 515
( ميزان الاعتدال : 7/351/5/368
(9) مولد العلماء ووفياتهم : 1/373

الحكم على الحديث :

الحديث اسناده ضعيف لجهالة يعقوب وأحمد ومحمد .
قال الهيثمي :
(( فيه عون بن ذكوان وثقه ابن حبان وقال يخطئ ويخالف وبقية رجاله
ثقات )) . (1)
قلت : عون بن ذكوان قال عنه أبو حاتم لا بأس به ووثقه الذهبي .

المعنى الاجمالي

قال القرطبي :
(( أختلف في المراد بهذه الآية فقال سعيد بن جبير في رماة عائشة رضي الله عنها خاصة ...وقيل لمن أصر على القذف ولم يتب وقيل نزلت في عائشة رضي الله عنها ألا أنه يراد بها كل من إتصف بهذه الصفة وقيل أنه عام في كل قاذف من ذكر او أنثى ويكون التقدير إن الذين يرمون النفس المحصنات فدخل في هذا المذكر والمؤنث وإختاره النحاس وقيل نزلت في مشركي مكة لإنهم يقولون للمرأة إذا ارادت أن تهاجر إنما خرجت لتفجر )) . (3)
ما يستفاد من الحديث :
يبين الله تعالى للقاذفين أحقية ما كان يعدهم في الدنيا من العذاب ويزول حينئذٍ الشك فيه عن أهل النفاق الذين كانوا فيما كانوا فيما كان يعدهم في الدنيا يمترون وأن الله تعالى يجازي الإحسان بالإحسان ويجازي المسيئ بما يستحق .
_____________________(1) مجمع الزوائد : 7/80
(2) المعجم الكبير : 23/154
(3) تفسير القرطبي : محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج القرطبي/ت 671/تحقيق. أحمد بن عبد العليم البردوني/دار الشعب/القاهرة/ط. الثانية/12/209